درس في الديمقراطية

لطفي

عادل لطفي *
“الديموقراطية أن يحكم الشعب نفسه بنفسه” هذه هي العبارة الوحيدة، و الدرس الوحيد، والتعريف الوحيد الذي تذكرته من كتاب التربية الوطنية الذي درسناه بالسنة الثامنة من التعليم الأساسي، بالإضافة إلى صورة محمد الخامس بالأبيض و الأسود، على غلاف أحمر باهت : كنتُ أدرس دائما في كتب مستعملة، إلى أن أقلعت عن هذه العادة السيئة وتوقفت عن اقتناء الكتب المقررة نهائيا.
هناك في تلك المراهقة، كان في ذهني صور من العام الذي قبله، من انتخابات 1997، كنتُ أحبّ رفقة أصدقائي كنوعٍ من التسلية أن نسير في “الحملات” الانتخابية المختلفة، ففي حيّ كالذي نشأت فيه ، لا سبيل للمتعة غير الحشود، كنا نعشق الحشود، نعشق أن نتسلل إليها و نصرخ معها حتى دون أن نعي ما نقول . كنتُ أنا وصديقي نُحبُّ حَشد حزب الاستقلال، لسبب واحد تبرره المرحلة، هو أنه كانَ مليئا بالفتيات الجميلات.
عشقي للحشود ارتقى في المرحلة الثانوية التي مرت مليئة بالإضرابات، كنا نساند كلّ شيء، أوقفنا الدراسة مساندة لأفغانستان، ثم للعراق، وبينهما لفلسطين. كنّا نحنّ طلاب شعبة الإلكترونيك في الثانوية التقنية بفاس نحبّ أن تنطلق الشرارة منا، ليلتحق بنا طلاب الاقتصاد وطالباته ، آه من طالباته !!
كبر المراهق بعد ذلك و كبرت معه العبارة: الديموقراطية أن يحكم الشعب نفسه بنفسه، و ظلّ يتذكر الحماس الذي كانت تبديه أستاذة الاجتماعيات وهي تحاول إقناع تلاميذ لا يعبؤون بالسياسة ولا يفقهون فيها شيئا، وفضولهم نحوها يشبه جثة متعفّنة، بأن المغرب بلد ديموقراطي والشعب فيه يحكم نفسه بواسطة البرلمان والبلديات والجماعات وغيرها . كبر المراهق واكتشف بعد أن عادت جثة الفضول إلى الحياة بأن لا وجود للشعب في بلده، وبأنه ينتمي لحشد كبير من الرعايا يحكمهم ويسود عليهم حفيد محمد الخامس، ولكن هذه المرة بصورة بالألوان الطبيعية .
ببساطة، لأنّ لون الغلاف باهت، و لأن العبارة باهتة في بلدي ، فأنا لا أشارك في الانتخابات .

*شاعر مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *