تلاميذ إحدى المدارس الخاصة في المعرض الدولي للكتاب والنشر 2016
أنجزت قناة الجزيرة، في إطار مواكبتها لفعاليات الدورة 22 من المعرض الدولي للكتاب والنشر، الذي تحتضنه الدار البيضاء حتى الأحد المقبل، تقريرا حاولت فيه استقاء أجوبة مختلفة حول سؤال حقيقة وضع القراءة، وحول ما إذا كانت مشاهد الإقبال الكبير من قبل الزوار على أروقة الكتب المختلفة مجرد احتفالية موسمية أم تعبير عن شغف بالقراءة لا يتم توفير البنيات الأساسية لتلبيته على مدار العام؟
هذا السؤال، يوضح التقرير الذي أنجزه نزار الفراوي، أنه يختزل النقاش القائم في المشهد الثقافي المغربي حول عزلة الكاتب ووضعية صناعة الكتاب على مستوى النشر والتداول في بلد يتميز على الصعيد العربي بحيوية ملفتة على مستوى مختلف أصناف الإبداع الفني والثقافي والفكري.
كما أن ذلك السؤال يعكس مفارقة لدى المعنيين بالشأن الثقافي في المغرب؛ ففي الوقت الذي تنتعش فيه حركة التأليف، وتتنامى مهنية دور النشر، ويتسع إشعاع المبدعين والمفكرين المغاربة على المستوى العربي، تستمر المؤشرات المقلقة حول علاقة المواطن بالكتاب، وغربة هذا المنتج حتى داخل وسطه الطبيعي في المؤسسة التعليمية. وأورد تقرير الجزير تصريحا لمدير الكتاب في وزارة الثقافة حسن الوزاني اعتبر فيه أن معرض الدار البيضاء حتى لو كان أكبر حدث ثقافي في المغرب، يستقطب عشرات الآلاف من الزوار (340 ألفا السنة الماضية)، فإنه لا يقدم الحل لمشكلة القراءة. ويبقى المعرض في نظر الوزاني منتدى لتبادل الخبرات بين الناشرين المغاربة والعرب والأجانب، ولترويج الكتاب المغربي، وهو جزء من سياسة عامة للنهوض بقطاع الكتاب والنشر في ظل صيغة جديدة للدعم الحكومي انطلقت عام 2014. وأوضح الوزاني، وهو أيضا شاعر، أن هذه الصيغة التي رُصد لها دعم عمومي سنوي بلغ قدره العام الماضي عشرة ملايين درهم (نحو مليون دولار) وسعت نطاق دعم الكتاب والنشر ليشمل ثمانية محاور، من جملتها نشر الكتاب والمجلات الثقافية، وإحداث مكتبات، ودعم القراءة العمومية والتوعية بها، ودعم مشاركة الناشرين في المعارض الدولية. ويرى أن الحصيلة الأولية لهذه الصيغة إيجابية من حيث تعزيز الاحترافية على مستوى صناعة الكتاب، وتسجيل تحسن في نوعية الإنتاج، ونمو في دور الجمعيات المدنية القريبة من الشرائح المستهدفة برفع معدلات القراءة وإنعاش المكتبات الخاصة التي كانت قد بدأت تغلق أبوابها.
إلى ذلك أورد تقرير الجزيرة إحصاءات نشرتها المندوبية العليا للتخطيط بالمغرب في 2014 تشير على أن المواطن المغربي لا يخصص إلا دقيقتين في اليوم للقراءة مقابل ساعتين و14 دقيقة يمضيها أمام التلفاز، بينما لاحظت دراسة حول الموضوع، تعود إلى 2010، أن المغربي ينفق درهما واحدا في السنة كمعدل لاقتناء الكتب مقابل 25 درهما كمعدل عالمي.
ولتوسيع زاوية مقاربة إشكالية الكتاب والقراءة في المغرب، سجل تقرير الجزيرة آراء بعض الفعاليات المهتمة بالموضوع، منها شبكة القراءة في المغرب، التي قامت بمبادرات حميدة من أجل النهوض بعادة القراءة، خاصة لدى الأطفال والشباب. هذه الشبكة ترى أن الأزمة تتمثل في غياب عنصر القراءة في المناهج المدرسية وغياب المكتبات، معتبرة أن المسؤولية لتجاوز هذا الوضع تقع على عاتق جهات كثيرة، كوزارة الشباب والرياضة المطالبة بإدماج القراءة في أنشطة وهياكل دور الشباب والثقافة والمخيمات الصيفية، ووزاة الإتصال التي ترى الشبكة أنها مدعوة للقيام بالتوعية بأهمية القراءة من خلال برامج هادفة تقاطع اكتساح برامج الترفيه.
وضمن قائمة المشاريع التي أنجزتها الشبكة، أبرزت رشيدة الرقي، عضو مكتب الشبكة، أهمية مبادرة تنظيم جائزة وطنية سنوية للقراءة، سيتم الإعلان عن نتائجها يوم السبت 20 فبراير الحالي بعد أن تلقت ترشيحات قراء أطفال يقرؤون بمعدل سبعين كتابا في السنة، بوتيرة تصل أحيانا إلى كتابين أو ثلاثة في الأسبوع. وخلص التقرير إلى أن تقريب الكتاب من الأطفال والتلاميذ يبقى رهانا حيويا لتجاوز الوضع الحالي وضخ دماء جديدة في صناعة الكتاب المغربي، فضلا عن ضرورة تقديم الدعم بفعالية من قبل المؤسسات العامة من خلال اقتناء الإصدارات لتغذية مكتباتها الخاصة.