مراد الضفري
يُحاصرونكِ الليلةَ دوني، يُسيجونَ جسدكِ بالأشواك، بالحديد والنار. ما بي دونكِ لاجئ، وما بكِ دوني عذراءْ؟. أتتذكرينَ وأنا ألجُ أرضكِ ذاك المساء؟ ذاك المساءِ المعطَّر بتوابل السَّماء؟ أتتذكرين عزفَ الرملِ على نهود الصحراء؟ حينَ كنتِ تُعدِّينَ كَفني لِأبعثَ من جديد في جوفكِ، حينَ تضاربتْ الألوان على شفتيكِ، الأسودٌ يفاوض الأبيض والأحمر يُغري الأخضر.
وما بكَ يا صاحبي تحنُّ؟ وما بكَ بعلقمِ الحبِّ تجنُّ؟ … لا تُجبني، فأنتَ أخرسٌ من الإجابات، أصمٌّ من الإشارات ولا حواس لك، لا ليلَ لكَ سوى ثوب أسود تلبسهُ عشيقتكَ الأولى في دروب العصر، عندما ينتصبُ الليل أمامَ شفتي النهار، فيكون لهم ليلهم ويبقى نهاركَ إلى الأبد.
يا أيها الأبد، يا أيها الأبد لما لا أبدَ لكَ في حكايا الحب السقيمة؟ لمَ أحلتَ قصصكَ إلى أساطير القبائل القديمة؟ … لمَ تزفُّ كل العشاق إلى مدرج النهايات، حيثُ طائرة الرحيل تربدُ كقدرٍ يستعجلُ الرحيل؟ … ولما النهايات شهادة وفاتكَ اللعينة؟ ولما الطائرات تلبسُ لنا الأبيض في نهاياتنا السريعة؟ أما كانت ستكون مغريةً وهي سوداء سوادَ النهايات؟ ألم تقرأ هي الأخرى ”الأسود يليقُ بكِ” كعشيقتي الأخيرة؟