اختتمت مساء يوم أمس السبت 11 مارس 2017 فعاليات الدورة الـثامنة عشر من المهرجان الوطني للفيلم في طنجة، بفوز فيلم “عرق الشتا” لحكيم بلعباس بجائزة المهرجان الكبرى، فيما حصل فيلم “يما” لهشام ركراكي على الجائزة الكبرى للأفلام القصيرة.
وذهبت جائزة العمل الأول للمخرجة خولة بن عمر عن فيلمها “نور في الظلام”، فيما منحت الجائزة الخاصة بلجنة التحكيم لفيلم “ضربة بالرأس” لهشام العسري، وحاز فيلم “يد فاطمة” لأحمد المعنوني على جائزة أحسن إخراج، وأحسن سيناريو لفيلم “إيبيريتا” لمحمد بوزاكو، بينما ذهبت أفضل فيلم وثائقي لـ “رحلة خديجة” لطارق الإدريسي. أما عن الأفلام القصيرة فحصل فيلم “أمل” لمخرجته عايدة السنة على جائزة لجنة التحكيم.
وعرض خلال الدورة الثامنة عشرة، 16 فيلماً على قائمة الأفلام القصيرة و14 فيلماً طويلاً روائياً ووثائقياً تنافست على لائحة الأفلام الرسمية. كرّمت إدارة المهرجان خلال أمسية الافتتاح الفنان الراحل أخيراً محمد حسن الجندي وفنانين آخرين، وإحياء ذكرى ممثلين ومخرجين رحلوا عن المشهد السينمائي المغربي أمثال العربي اليعقوبي وعبد الرحمن العلوي العبدلاوي وعبد الله المصباحي وآخرين.
أفلام قليلة استطاعت أن “تنقذ ماء وجه” المهرجان وفق رأي عدّة نقاد سينمائيين، فقد رفع فيلم “عرق الشتا” (126 د) لمخرجه حكيم بلعباس من كفّة الميزان مقابل أفلام كثيرة اتسمت بالحوارات التقليدية والصور النمطية للأحداث والرؤية الفقيرة لمخرجيها، وضعف في الإبداع في معالجة القضايا التي تتناولها تلك الأفلام.
“عرق الشتا” يتحدث بشاعرية قصة فلّاح يعيش مع زوجته وابنه ووالده المنهك وعلاقته الوجودية مع أرضه مصدر رزقه، والتي باع كليته من أجل أن ينقذها، التضحية وقسوة المناخ دفعت امبارك الفلاح أن يقضي وقته في حفر بئر أملاً في الوصول إلى ماء إلّا أنه يتلقى رسالة تهدده بالاستيلاء على أرضه. “عرق الشتا” جمع بين التوثيق تارة والدراما تارة أخرى، حول هذا المزج يقول بلعباس لـ”العربي الجديد”: “لا يمكن أن نحسب للتوثيق المألوف الذي يوصل معلومة قاعدة درامية إلّا أنني أعرّف شخصياً الفيلم الوثائقي لما يجري في حياتنا دون أن نراه غالباً، إنّ الدراما التي تقدمها لنا الحياة أفضل مما تقدمه التلفزة، ما نراه اليوم في الدراما المغربية مثلا هو تبخيس لحياة الناس” يردف: “لا أفرّق بين متخيل وحقيقيّ لأنّ هناك حقائق يحملها الناس في حياتهم اليومية وعراكهم مع القدر وفي أرواحهم، ومن خلال الصورة ذات المدلول أن تعبّر لنا عن السينما الشعرية وليس فقط الكتابة”.
تبلورت حكاية الفيلم منذ 17 سنة بعد لقاء قصير بين المخرج وفلاح فقد عائلته بسبب قرض بنكيّ، يقول: “حكاياي تسكنني كالكوابيس ولا أنام إلّا عندما تخرج مني وهي تملي عليّ طريقة سردها”.
أمّا الالتفات للأشخاص المصابين بمتلازمة “داون” الذي وظفّه بلعباس منح الفيلم بصمة قوية وبريئة، وجد المخرج نفسه منساباً وراء شخصية “أيوب” الطفل، يقول: “اتبعت أيوب من خلال حواري معاه، لقد امتلك الحدس والبراءة عكس ما أملكه من احترافية، وغيّر أيوب مسار السيناريو الذي لم يحتوِ على قطرة ماء، لكنّ إصراره على حفر البئر وخروج الماء بين يديه جعل للفيلم نهاية أخرى”.