فاس: في الميدان متّسع للفن

1

حسن الأشرف
لم يعد مفاجئاً خلال السنوات الأخيرة في المغرب مشاهدة شباب في عدد من شوارع المدن الكبرى، مثل الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس، وهم يؤدّون مقاطع مسرحية، أو عروضاً راقصة، وأشكالاً فنية أخرى تشكّل للمارة وساكني الفضاء العام فُرجةً.
وفيما يتخذ عدد من فناني الشارع، كما يُسمّون، من أرصفة الشوارع الرئيسية والساحات العامة المعروفة أمكنة خاصة بهم، من أجل تفجير إبداعاتهم الفنية، بشكل فردي، أمام جمهور أغلبهم من المواطنين المارة، فإن آخرين يلتئمون بين الحين والآخر في عروض منظمة في إطار مهرجانات لفن الشارع.
من هذه التظاهرات، “المهرجان الوطني لفنون الشارع”، الذي انطلقت دورته الثانية اليوم، وتستمر حتى 5 تموز/ يوليو الجاري في شوارع وفضاءات مدينة فاس، بمشاركة العديد من الفرق الفنية، بهدف “التعريف بمختلف الأشكال التعبيرية والفنية التي تطورت بالفضاء العام، وإبراز تنوع وغنى هذه الأشكال وأدوارها الترفيهية والتثقيفية”، بحسب بيان المهرجان.
ترتكز عروض فناني الشارع، بشكل أساسي، على عنصر إشراك المشاهد، الذي غالباً ما يكون مجرد شخص عابر، ليكون فاعلاً في صنع الفرجة، ما يُساهم في تقريب الثقافة والفن من الجمهور.
ساهمت مشاريع عديدة في تشجيع تنظيم هذا النوع من المهرجانات في المغرب، منها مشروع “كونتنير آرت”، أو “فن الميدان”، الذي أسسته وأطلقته الفنانة المغربية لطيفة أحرار. ويسعى هذا المشروع إلى أن يكون فضاءً ثقافيّاً متعدّداً، بحيث يتجاوز كونه مجرّد وعاء لأداء عروض في الشارع.
انطلق “فن الميدان” في ساحة “باب الأحد” وسط العاصمة الرباط، إذا أعاد فريقه تدوير حاوية كبيرة لجمع القمامة، فحوّلها بطريقة فنية إلى مكان يضج بأصوات وحركات المبدعين الذين يفدون على هذا الفضاء، من حكي وسرد وموسيقى ومسرح وفنون أخرى.
تقول أحرار: “نهدف من هذا المشروع إلى جعل الثقافة عنصراً رئيسياً يدخل ضمن أولويات الحياة اليومية للمواطن المغربي، فبمجرّد مروره من ذلك الفضاء الحيوي، يجد أمامه عرضا فنياً حيّاً”.
وتضيف: “منحت هذه التجربة الشارع بعداً آخر؛ جعلت منه منصّةً بدلاً من أن يكون مجرّد وسيلةٍ خدماتيّة فقط. اتّخذ الشارع مدلولاً جديداً، أكثر حركيّة. الحاوية كانت مهملة ولا فائدة منها؛ والآن أصبحت منصّة يتجمهر حولها العشرات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *