وائل بورشاشن
بعد عمر مديد قضته بين الكتب ونثر محبّتها لمدينتها طنجة أدبا في مؤلّف باللّغة الفرنسية حمل عنوان “ذاكرةُ طنجاويّة”، رحلت عن دنيا النّاس الكتبيّة والكاتبة الطّنجاوية اليهودية راشيل مويال عن سنّ ناهز السابعة والثمانين عاما.
وكانت الكتبيّة الراحلة واحدة من رموز مدينة طنجة، ووجها مألوفا في مختلف أنشطتها الثقافية، وصديقة للعديد من الوجوه الأدبية والثقافية التي كانت تحطّ الرحال بها.
وودّعت “جمعية البوغاز” الثّقافية الرّاحلة قائلة: “بوفاتها جزء من تاريخ المدينة يرحل عنّا”، كما نعتها صفحة معهد ثيربانتس الإسباني بطنجة واصفا إيّاها بـ”آخر نساء طنجة العظيمات”.
وكتب الناقد خليل الدامون أنه برحيل الكتبيّة راشيل مويال، تفقد طنجة جزءا من ذاكرتها، وأضاف: “لا نعرفها إلا بين الكتب داخل مكتبة الأعمدة وخلال جلسات النّقاش وقوفا بالمكتبة وفي كلّ الأمكنة الثّقافية”.
ويرى الدامون أنّه برحيل مويال، “فقدت طنجة واحدة من موثِّقي اللحظات الكبيرة لهذه المدينة لمعاشرتها أغلب الفنّانين والمثقَّفين الذين رحلوا إلى المدينة”، مضيفا: “لن أنسى صورتَها وهي تبكي على صديقها الرّاحل محمد شكري الذي لم تستسغ أنّها ستفارقه يوما من الأيّام”.
وقال حميد عبو، مدير دار النشر “الفاصلة” أنّ الراحلة “كانت سيدة عظيمة حملت دومًا حب طنجة في قلبها”، و”سيّرت مكتبة الأعمدة-لي كولون-التي أدارَتها بين سنوات 1973 و1998، حيث جعلت منها أشهر مكتبة في إفريقيا تنشط على شكل صالون ثقافي”، و”ناضلت من أجل أن يظلّ اسم هذه المكتبة حيّا”، لتشكّل بجهودها هذه المكتبة “أحد الأبواب المهمّة للتّعرّف على تاريخ طنجة”.
وكتبت “جمعية ميمونة” المهتمّة بالشّأن اليهودي المغربي أنّ راشيل مويال كانت “أحد أبرز الناشطات الثقافيات في مدينة طنجة”، وأنّها “جعلت من مكتبتها الخاصة في مدينة البوغاز عنوانا للباحثين عن الأدب، والقصة، والشعر”.
وذكرت الجمعية في نعيها للرّاحلة أنّ “مويال كانت منبعا للحب، والجمال، والثقافة، والواجب الوطني”، مذكّرة بما احتلّته مدينة طنجة في قلبها من مكان خاص، وحديثها دائما عن ذكرياتها في المدينة مع أصدقائها من مختلف المعتقدَات والأديان.
وحتى في آخر أيّام حياتها، سجّلت الكاتبة الطنجاويّة راشيل مويال حضورها بقوّة في مجموعة من الأنشطة الثقافية المغربية؛ فتذكّرت في الشّهر الجاري عالم طنجة الأدبي في لقاء نظِّمَ بطنجة، وشاركت في نعي الأديب لطفي أقلعي، كما تحدّثت قبل أيّام عن كتابها “ذاكرة طنجاويّة” في مكتبة “الفاصلة” حيث همست، وفق منشور للمكتبة: “عندما يندثر جيلي ستفقد طنجة آخر يهودها”.