نجوان درويش
مؤسٍ هو “حلم العالمية” كما جسّده عمر الشريف. هل “العالمية” – كما تفهمها نخب منطقتنا- هي استتباعٌ لاواعٍ للزمن الاستعماري؟ توق المستعمَر لنيل اعتراف من مستعمِره السابق؟
المؤسي هنا أن الزمن الاستعماري لم ينتهِ، وحين مثـل جلاءه في حقبة “الاستقلال” بقي شبحه في السياسة والاقتصاد والمجتمع والثقافة.
لا شك أننا نحمل مشاعر دافئة نحو فنان مثل عمر الشريف، وله مواهب ومزايا لا يمكن الانتقاص منها. لكننا في المقابل لا نحسده على تحرره المفرط من الأيديولوجيا ونشفق عليه من “عالميته” التي لعلّنا لا نبالغ إذا قلنا أنها أنهته كما صنعته: أكثر من كومبارس وأقل من ممثل.
مسيرة طويلة فعلاً لكنها لم تؤصّل ولم تعمّق، ورغم انتمائه إلى نادي النجوم، بدا وكأنه لم يخرج طوال مسيرته، من ظلّ بيتر أوتول في “لورنس العرب”.
ينطبق على عمر الشريف جملة أخيرة ختم بها إدوارد سعيد مقالةً له عن الفيلم – وهي هنا بترجمة عبد الله حبيب: “إن لورنس العرب في ميزاته بوصفه تجربة سينمائية فيلم ممتعٌ وفاتن؛ لكن بوصفه محاولة لسرد التاريخ أو لتقديم تبصّرات بخصوص العالم العربي، فإن لديه ذلك الحنين الاستعادي لحلمِ يقظةٍ إمبريالي عنيد ولا يزال مؤثراً”.
مأساة الشريف (إذا جاز استعمال كلمة كهذه مع فنان انتمى للحظته الشخصية وطرح جانباً دراما التاريخ ومسؤولياته) أنه كان موظفاً في حلم لم يكن حلمه. ولعل هذا أيضاً من أسباب تتويج حياته بأدوار صغيرة كدور سائق جمل يصادفه أنتونيو بانديراس.